المرأة دائمـــا .. خارج حدود الوطن
تستطيع المرأة في بلادنا أن تقود سيارة
إذا كانت قد بلغت سنّ الرشد
وكانت تحمل شهادة لقيادة السيارات
لكن هذه المرأة ذاتها
لا يسمح لها «بقيادة الوطن»
رغم بلوغها سنّ الرشد
وحصولها على أعلى الشهادات الجامعية
الوطن هو سيارة الذكور فقط
فهم الذين يملكون مفاتيحه
وهم الذين يجلسون خلف مقعد القيادة
وهم الذين ينطلقون بسرعة جنونية
ويرتكبون المخالفات
ويتجاوزون الإشارات الحمراء
ويقتلون المارة
إلى أن تستقر السيارة ـ الوطن ـ في قعر الهاوية
ولأن الوطن هو سيارة الذكور فقط
فإن حوادث الطرقات لا تنتهي
والحروب لا تنتهي
والكوارث لا تنتهي
والمنازعات الإقليمية والعالمية لا تنتهي
في زحام السيارات المتسابقة نحو النفوذ
أو نحو الحكم
أو نحو السلطة
تبقى المرأة في عالمنا العربي واقفة على رصيف التاريخ
تنتظر دوراً ما
أو مقعداً ما
أو سيارة ما
تلتقطها على طريقة «الأوتوستوب»
لكن هذا لم يحدث ـ مع الأسف ـ
رغم أن القرن الواحد والعشرين يدق أبوابنا بعنف
ورغم رياح الحداثة التي تهبّ علينا من كل مكان
ورغم هذا الجيش الكبير من النساء المثقفات
اللواتي يتخرجن في الجامعات العربية كلّ عام
لا أدري إلى أين يذهب هذا الجيش من نسائنا المثقفات بعد تخرجه
إلى البيت الأبوي
أم إلى البيت الزوجي
أم إلى بيت الضجر؟
وإذا كان للمرأة العربية المثقفة دور ينتظرها في عملية البناء
فماذا تنتظر لتصعد إلى خشبة المسرح
وتلعب دورها في المسرحية
التي استولى الرجال على كل أدوار البطولة فيها؟
صحيح أن المنتج لا يريدها
والمخرج لا يؤمن بمواهبها
والمؤلف من أنصار التفرقة العنصرية
لكن الجمهور لا يستطيع أن يبتلع مسرحية
لا يكون فيها وجهٌ أنثوي
ولا توجد فيها «بطلة»
فأين هي «البطلة»؟
ولماذا لا تزال مختبئة خلف الكواليس؟
ولماذا لا تفجّر كل ما حولها من ثياب
وأقنعة
وديكورات..
وتخرج على النص؟
ثمة سؤال أساسي لا بد من طرحه
هو:
هل هناك مَن يعطّل دور المرأة؟
واسمحوا لي أن أعترف هنا
أن المرأة..
هي التي تعطّل دور المرأة
فهي تريد.. ولا تريد..
تقرّر..
ثم تتراجع عن قرارها
تُوقّع.. ثم تلحس توقيعها
تنادي بالحريّة.. ولكنها لا تجرؤ على ملامستها
تلعن العبودية.. وتتلذذ بطعم عبوديتها
ترفض الاضطهاد.. وتقع في حب مَن يضطهدها
أمام هذا الارتباك الأنثوي الظاهر، في دخول المعركة
أو الانسحاب منها.. في قتل الرجل.. أو في الالتجاء إلى صدره
في الهروب منه.. أو الهروب إليه
يكتشف الرجل كلّ الأوراق التي تخفيها المرأة تحت ثيابها
ويجردها منها ورقة.. ورقة..
وهكذا يربح الرجل دائماً
وتخسر المرأة دائماً
لأنها على ما يبدو لي
سعيدة بخسارتها
أو أنها تلعب بالأصل.. لتخسر
الرجل متشبّث بالحكم
لأنه يعرف أن معارضة المرأة له هي معارضة وهمية
أو شفهية..
وأنه عندما يطرح الثقة بصلاحيته للحكم
فسوف يفوز بأكثرية الأصوات (99.99 بالمائة)
وفي غياب المعارضة النسائية القوية والمنظّمة
سيبقى الرجل محتفظاً بكل السلطات التشريعية.. والتنفيذية.. والقضائية
حتى تقوم المرأة بانقلابها الكبير
وتصدر بلاغَها رقم 1
والواقع أن الرجل يحكم..
لأنه لا يجد مَن ينازعه في الحكم
لذلك فإن جميع المظاهرات
والمسيرات
والاحتجاجات التي قامت بها المرأة لتصحيح وضعها الإنساني
«فرطت» في منتصف الطريق
وعادت المتظاهرات إلى بيوتهن، وهنّ سعيدات باللقطات التلفزيونية
التي أُخذت لهن خلال المسيرة
أما الرجل فقد شاهد المسيرة على التلفزيون
واستمع إلى كل الخطابات التي اتهمته بالتسلّط والديكتاتورية
ثم تحول إلى قناة أخرى
ليشاهد مباراة لكرة القدم